نؤمن بأن الله خلق الخلق ليعبدوه، والعبادة التي أمر الله بها هي الحنيفية، وهي ملة إبراهيم عليه السلام ، وهي التي أمر الله بها جميع الثقلين. والعبادة أنواع كثيرة، ولا يجوز صرف شيء منها لغير الله تعالى. ومن أنواعها: الدعاء، والتوكل، والخشية، والخوف، والرجاء، والاستعاذة، والذبح، والاستعانة، والاستغاثة.
ونؤمن بأن الله خلق الخلق ليعبدوه، ونعلم أن أول أمر ورد في القرآن هو الأمر بعبادة الله وحده دون ما سواه، وكل نبي قال لقومه: {اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ} [الأعراف: 65].
ونعلم أن العبادة لا تكون مقبولة حتى تكون خالصة لله رب العالمين، موافقة لهدى سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.
ويجب أن يكون المقصود بالعبادة هو الله وحده لا شريك له، وحذّر سبحانه وتعالى من الشرك كله كبيره وصغيره، فمن عمل عملًا خالصًا لكنه غير موافق لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فعمله مردود عليه، ومن عمل عملًا موافقًا لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم لكنه غير خالص لله؛ فهو مردود عليه.
ونعلم أن أصول العبادة ثلاثة هي: كمال الحب، وكمال الرجاء، وكمال الخوف، وأن الأنبياء والمرسلين فازوا من ذلك بأوفر الحظ والنصيب.
وأعظم ما يرجوه المؤمنون هو رؤية وجه الله الكريم، ورؤية الله هي أعلى نعيم أهل الجنة، بل هي زيادة نعيم على نعيمهم، وإذا دخل أهل الجنةِ الجنةَ، زاد الله المؤمنين كرامة وإحسانًا إلى إحسانه إليهم تفضلًا منه وجودًا بإذنه لهم بالنظر إليه، وأعظم ما يخافه أهل الإيمان هو حرمانهم من هذا النعيم الذي خص به أولياءه من المؤمنين، وحرم منه أعداءه، وحجب جميع أعدائه عن النظر إليه من المشركين واليهود والنصارى والمجوس والمنافقين.
والوسيلة هي التقرب إلى الله بكل ما يرضيه من واجب أو مستحب. (وتأتي الوسيلة بمعنى آخر -أيضًا- وهو المذكور في قوله صلى الله عليه وسلم: «سلوا الله لي الوسيلة».)
ونؤمن بأن الله أمر عباده بالدعاء، ووعدهم بالإجابة، ونعلم أن التوسل إلى الله يكون بأسمائه الحسنى وصفاته العلى؛ ولهذا كانت دعوات الأنبياء والمرسلين أكثر ما تكون بالتوسل بأسماء الله الحسنى. ومن مواطن الدعاء أدبار الصلوات، وفي الثلث الأخير من الليل، وعند الفطر من الصوم، وفي الطواف، وعلى الصفا والمروة، وفي عرفات ومزدلفة، وبعد رمي الجمرات.
كما يكون التوسل بالإيمان بالله، يكون التوسل إلى الله بالعمل الصالح بأنواع العبادات. ويكون التوسل إلى الله بذكر الحال، وإظهار الافتقار إلى الله، وأن العبد محتاج إلى عون الله ورحمته. ويكون التوسل بأن يطلب المسلم من الرجل الصالح الحي الحاضر أن يدعو له، كما طلب إخوة يوسف من أبيهم أن يستغفر لهم، وعَدَلَ الصحابة رضي الله عنهم عن الاستسقاء والتوسل بالرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاته إلى التوسل بالعباس رضي الله عنه؛ لأنهم يعلمون أن هذا من التوسل المشروع.
ولا يجوز التوسـل بغير ما شرع الله؛ فقد كان أهل الجاهلية يتقربون إلى الله بالتوسل إليه بأوثانهم وآلهتهم.